Thursday, December 31, 2009

!كلنا ليلى(3)..ليلى..والغابة

اليوم أكمل معكم الحلقة الثالثة في حملة "كلنا ليلى"، والمرة دي حركز حديثي حول طبيعة المجتمع التي تحيا فيه ليلى، وهل يمنحها هذا المجتمع حقوقها كاملة وماهية وضعها فيه

كتير من الناس أول ما يسمعوا جملة" المجتمع الذكوري الأبوي" يتضايقوا ويعتبروا أن دي دعوة مفتوحة للإنحلال وضرب ما ُيسمى بقيم المجتمع في مقتل،وده اللي بيؤكدلي شخصيا ما قلته من قبل على صفحة موقع الفيس بوك الشهير
"كل يوم بكتشف أن العدو الأكبر لأي مجتمع متخلف هو مهبل المرأة"
معلش ممكن تكون الجملة صياغتها صادمة نوعا ما بس أنا مقتنع بكده لكذا سبب:

نقطة أولى: هل فيه حق أبسط من حرية الحركة بمعنى أن تسير في الشارع امنا سالما على حياتك وجسدك؟
بالنسبة لي كذكر، أقدر على أقل تقدير أمشي وأنا مطمن أن محدش حيفكر يحتك بجسدي أو يتحرش بي مهما كانت نوعية الملابس اللي لابسها أو التوقيت اللي ماشي فيه
مع ليلى الوضع مختلف، تلاقي المجتمع يفرض قيود اللبس وعدم الخروج بمفردها في ساعة متأخرة أو الهزار في الشارع..الخ، وكأن الأنثى تهمة أو وصمة عار نحاول أن نخفيها ونمحيها أو نحولها لمجرد مسخ يسير على قدمين .
المشكلة تزيد لما نلاقي اللي بيحاول يوجد مبرر لكل هذا القمع بحجة تفشي البطالة والظروف الإقتصادية للشباب، وده شيء بيستفزني شخصيا بإعتباري عميد العاطلين في مصر..على كده أنا المفروض أنزل الشارع وأغتصب أول واحدة تقابلني بإعتباري ضحية يعني!

قمة الإهانة أن تتعرض للعبث بجسدك لمجرد أن يكون لديك صفة الأنثى
!

والطريف أن هذا المجتمع الذي يعاتب البنت على لبسها أو طريقة مشيها لا يجد ما يجيب به حين تتعرض فتاة محجبة أو منقبة للتحرش الجنسي أو اللفظي لأنه ببساطة تعود دائما على تغييب العقل وإلا مكناش شفنا جمعية جديدة تم تأسيسها للدفاع عن حقوق الرجل المضطهد وأن تحمل هذه الجمعية إسم "سي السيد"..يعني هو مفيش عموما رمز للراجل غير سي السيد بتاع بضاعة أتلفها الهوى ده؟
!


نقطة ثانية: ليه أنا كذكر لي الحق في الزواج في أي مرحلة عمرية بينما بمجرد ما تتخطى ليلى سن معينة(فلنقل الثلاثين مثلا)، تبدأ تعاني هنا من قيود إضافية من الغمزات والنظرات الشامتة أو المشفقة عليها وكأنها تحولت لكائن غير سوي
صحيح أن طبيعة الكائنات الحية ذكر وأنثى ولكن هل بقاء الأنثى وحدها دون الذكر يستحق كل هذه القيود من المجتمع، ولماذا لا يحدث العكس بالنسبة للذكر؟

:الإجابة نجدها ببساطة في الموروث الشعبي ودعوني هنا أشير لبعض الأمثال الشائعة
ضل راجل ولا ضل حيطة- جواز البنت سترة-أقل الرجال يغني النسا-الرجالة غابت والستات سابت-شرف البنت زى عود الكبريت ما يولعش غير مرة واحدة- من كتر خطابها بارت- يا مخلفة البنات يا دايخة للممات-البنت يا تسترها يا تقبرها..الخ
لاحظوا القاسم المشترك بين أغلب هذه الأمثال التي تشكل ركنا مهما في عقلية المجتمع الشرقي وهو شرف المرأة المرتبط بالمهبل دوما،وبالتالي ده يفسر من ناحية تانية ليه مفهوم ليلة الدخلة مازال هو المعركة الحربية التي يجب أن يخرج فيها الذكر منتصرا لفحولته بأي طريقة كانت حتى لو تمت الإستعانة بالمخدرات أو الخمور
!

نقطة ثالثة:هل نظرة المجتمع للمرأة المطلقة هي نفس النظرة للرجل المطلق ؟
بالطبع لا، وهنا السؤال : ليه دايما بنضع ليلى في خانة المتهمة في موضوع الطلاق مع أن المنطقي أن فشل اي زيجة يرجع لحالة من عدم التفاهم بين الطرفين ربما تكون ناتجة عن سوء الإختيار أو التسرع فيه أو عدم فهم طبيعة الاخر بالشكل الذي يحقق التوافق في نهاية الأمر
!

نقطة رابعة:هل ننظر لحق المرأة في التعليم مثل الرجل؟
كتير دلوقتي حيقولوا أني ببالغ بإعتبار أن جامعتنا باتت تكتظ بالإناث في جميع التخصصات..جميل بس برضه لازلت نسبة الأمية في الإناث أعلى بكتير
بلاش الأمية..دلوقتي إيه اللي بيحصل لما البنت بتكمل دراستها وترغب في الحصول على مزيد من الشهادات العلمية؟
الإجابة: تلقائيا فرصة جوازها بتقل بإعتبار أن الرجل الشرقي لا يفضل أن يتزوج بمن هي أكثر ثقافة منه زي بالضبط لما يكون الفكر السائد أن الذكر لازم يكون أغنى وأقوى وأطول من الأنثى وإلا الناس حتقول إيه؟؟

يعني في النهاية شهادات البنت الكتير قد تكون عامل سلبي عليها بينما هي مثار فخر وتقدير إذا كان الحاصل عليها يحمل صفة المذكر
!

نقطة خامسة: هل يسمح المجتمع فعلا لليلى بالمشاركة الفعلية في مختلف نشاطاته؟
من وجهة نظري نقطة المشاركة الفعلية دي من أكتر النقاط التي تتعرض فيها ليلى للقهر،وهنا حلقي الضوء بسرعة على مثالين في مجالين مختلفين
-
في الرياضة، كثيرا ما تصطدم ليلى بالتقاليد والموروثات في المجتمع، فنجد التقسيم الغريب أن اللعبة دي للذكور واللعبة دي للإناث،وبالتالي لما ليلى تفكر تخطي هذه المنطقة، ولنقل مثلا الرياضات القتالية وفنون الدفاع عن النفس فيتم النظر إليها أنها "مسترجلة" أو غير مكتملة الأنوثة وده بيؤثر على فرصها في الجواز اللي هو أصلا بنعتبره أقصى أهدافها وطموحها منذ يوم ميلادها
!
وبالتالي ممكن جدا ده ينعكس على ليلى نفسها أنها متكونش مقتنعة بالدرجة الكافية بطموحها الرياضي بإعتبار أن مسيرها لبيت جوزها في الاخر
!!

شخصيا أنا ليا صديقة عزيزة كانت بتمارس رياضة الكونج فو وحكيتلي عن بنت عندهم في النادي كانت متفوقة على الجميع بما فيهم الذكور بشهادة المدرب اللي كان متوقعلها مستقبل باهر في اللعبة ليس على المستوى المحلي فقط ولكن الدولي إلا أن كل الكلام ده إنتهى بمجرد طرق العريس للباب ورفضه فكرة الرياضة من أساسها للبنت،فكانت النتيجة إعتزالها بالزواج وإرتداء النقاب
!
الكلام ده ينتشر أكتر في المجتمعات الشرقية بدليل أن في كل الدول المتقدمة تلاقي إهتمام كبير بأهمية الرياضة بمختلف أنواعها لدى المرأة التي باتت تتفوق أحيانا على الرجال فيها،والدليل أهو
http://www.nytimes.com/2007/02/17/nyregion/17wrestle.html?ex=1329368400&en=d6c6b6c01513013d&ei=5088&partner=rssnyt&emc=rss
وهو ما يعكس كل إدعائات المجتمع الشرقي الذي كثيرا ما يحاول فرض ما ُيسمى بالمنطق المطلق من أجل الحد من مشاركة المرأة وإيجاد دور لها في المجتمع
.
مثال تاني كنت كتبته على موقع الفيس بوك قبل كده، وهو كيف تجعل الشعب المصري يختار جمال مبارك رئيسا للجمهورية بالأغلبية في إنتخابات شرعية 100%؟
الإجابة بسيطة:عيش في الدور وأعمل أنك دولة ديموقراطية بجد ونزل قدامه واحدة ست في الإنتخابات ويا سلام بقى لو كانت ذات أفكار ليبرالية متصادمة مع طبيعة المجتمع..كده أضمن حصول مرشح الحزب على ما لا يقل عن 90% من الأصوات وبإرادة الشعب الحرة كمان وإجمعوا الأصوات في صناديق زجاجية لزوم الشفافية وابقوا هاتوا عفاريت الأمم المتحدة كلها تراقب وفي النهاية كله حيخرج يشيد بنزاهة الإنتخابات
!

إقتراح قد يبدو ساذج في ظاهره ولكنه واقع: نسبة كام في مصر اللي تقدر تقتنع بفكرة أن يكون المنصب الأعلى في البلد من نصيب إمرأة؟
أبسط شيء حيتقال يعني هما الرجالة اللي في البلد خلصوا..ليه حتحكمني واحدة ست..الخ
وصدقوني مهما كانت الست دي مثقفة وعلى درجة عالية من الوعي والفكر المستنير، فستظل فرصتها ضئيلة جدا في أي منصب قيادي بأي مؤسسة كبرى في الدولة عموما
ولعل للمؤسسات الدينية دورا خفيا في ذلك، فالدين(أي كان) ُيستخدم من قبل الغالبية العظمى في المجتمعات الشرقية للتحجيم من المرأة ووضعها في طور الإنسان غير المكتمل المحتاج دائما للرعاية في كنف الرجل

كل هذا يثبت أن ليلى لا تزال تصارع في غابة المجتمعات الأبوية التي تستخدم الدين و ما ُيسمى بالمنطق العام لإيجاد موروثات قوية تحد من ظهور عدوها الأول على السطح..ولكن هل يعني ذلك أن ليلى ضحية دائما؟
انتظروا البوست القادم والأخير
:

أنا وليلى
!